ادلة اباحة المعازف ورد ماحولها من شبهات واع



تنبيه هذا بحث للدكتور محمد الروسي
حديث زمارة الراعي
جاء في مسند أحمد # 6\246 حدثنا الوليد حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن نافع مولى إبن عمر (أن ابن عمر سمع صوت زمارة راع فوضع إصبعيه في أذنيه وعدل راحلته عن الطريق وهو يقول : يا نافع أتسمع ؟ فأقول : نعم فيمضي حتى قلت : لا ، فوضع يديه و أعاد راحلته إلى الطريق وقال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع صوت زمارة راع فصنع مثل هذا ) 
قال عنه العلامه أحمد شاكر إسناده صحيح وقال الألباني روي من طرق بعضها صحيح وصححه الجديع

دلالة الحديث

وهذا الحديث يستدل به الفريقان!

فقد إستدل به إبن حزم وغيره من العلماء على اباحة المعازف إذ لو كانت حراما لأمر النبي عليه الصلاة والسلام بكسرها أو عقب ولو بكلمة فهو اهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و هو ولي الأمر الذي بيده تغيير المنكر وماكان عليه الصلاة والسلام ليسكت عن المنكر ؟!
ونقل إبن عبدالحكم عن الشافعي إباحة الزمر وأن فعل النبي عليه الصلاة والسلام من باب كراهة التنزيه وليس تحريما كما جاء عند إبن رجب في نزهة الأسماع. 
وأعترض من قال بالتحريم بأن النبي عليه الصلاة والسلام وإبن عمر كانا سامعين وليسا مستمعين أي لم يتعمدا السماع ,وهذا صحيح ولكن محور الكلام ليس عن سماع او عدم سماع النبي عليه الصلاة والسلام  ابن عمر او سماع نافع فقط ولكن عن عدم النهي عن العزف وعدم زجرمن يعزف أو التعقيب ولو بكلمة ولاحظ جيدا تكرار الحادثة؟!


بعض الإعتراضات والجواب عنها:
الإعتراض الأول :قيل أنه ربما كان الراعي بعيدا على الجبل او غير معروف المكان 
وهو إعتراض ضعيف جدا لايصمد أمام أي منطق
 فما اسهل أن يأمر النبي عليه الصلاة والسلام إبن عمر أو أيا من أصحابه بتعقب الراعي وكسر الزمارة ؟! وكيف يصمد هذا الإعتراض امام تكرار الحادثة مع إبن عمر ونافع فهل هذه المرة أيضا كان العازف بعيدا؟! 
ولاحظ أن إبن عمر كان يمتطي راحلته  أي يمكنه الوصول للراعي وان كان بعيدا.
ثم لاحظ أيضا أن ابن عمر هو من ابتعد وتنحى عن الطريق (عدل راحلته عن الطريق) ليبتعد عن الصوت أي أن الصوت كان في متناوله على الطريق وإبن عمر هو من إبتعد عنه.
الإعتراض الثاني :يحتمل أن هذه الواقعة كانت قبل التحريم
وهو إعتراض يماثل سابقه في التكلف والضعف فأولا أي تحريم يقصد ومادليله؟!
ثم لوسلمنا بهذا أول مرة عندما كان ابن عمر رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم فماذا عن المرة الثانية عندما كان ابن عمر مع نافع بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام واكتمال الدين؟!
ولو كان الآلات محرمة لفهم نافع وغيره 
بداهة أنه لا يريد استماع الحرام  فما سبب تبرير ابن عمر أنه يحاكي تصرف النبي عليه الصلاة والسلام؟
وأنظر كيف يشير تكرار الحادثة الى استمرار وجود هذه الآلة وانتشارها بلا منع في اوج قوة الدولة الاسلامية؟
الإعتراض الثالث : الزمارة هنا هي آله بدائية إسمها الشياع لاتطرب لرعي الابل كصفارة حكم المباريات!
وهذا الكلام قاله عبدالله رمضان موسى! 
بما أنه لا مفر من قبول حقيقة أن النبي عليه الصلاة والسلام  لم ينه او يزجر عن سماع الزمارة ومن بعده ابن عمر وهو ما يعني بالضرورة إباحتها كان الحل هو القول بأن الزمارة المذكورة في الحديث هي شيء لانعرفه يسمى الشياع يستخدم لرعي الإبل وليست آلة العزف المعروفة فهو كصافرة حكم المباريات الرياضية.
وهذا إعتراض أقل ما يقال فيه أنه يخالف المنطق واللغة والواقع:

فأما المنطق: فلو كانت الزمارة أو الشياع بهذا الوصف فهي آلة لترهيب الابل وتنفيرها وليس لرعيها.

أما لغة: ففي تاج العروس لمرتضى الزبيدي -صفحة : 5355 و 5356 :
(حنين النيب تطرب للشياع  
وهو قول قيس بن ذريح، وصدره: إذا ما تذكرين يحن قلبي
وروى أبو محمد الباهلي: حنين العود وشيع الراعي اذا نفخ في اليراع وهي القصبة.) إنتهى
والنيب هي النوق –جمع ناقة- المسنة وكما هو واضح فانها تطرب لسماع صوت الشياع او اليراع عندما يستخدمه الراعي فهو في الحقيقة ناي الراعي المعروف شجي الصوت ويعرف باليشاع أو زمارة الراعي أو اليراع.
 وفي لسان العرب:
( قال الازهري : القصبة التي ينفخ فيها الراعي تسمى اليراعة وأنشد : 
أحن الى الليل وان شطت النوى بليلي كما 
حن اليراع المثقب 
وفي حديث ابن عمر كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع صوت يراع اي قصبة كان يزمر بها)
إنتهى
أما واقعا : فقصبة الراعي المثقبة هي من اجمل الآلات الموسيقية صوتا واشهرها

ففي كتاب (حلب بيت النغم) للكاتب جميل ولاية وهو كتاب عن الآلات الموسيقية التراثية  يقول :
 (الراع
 واليراع من الآلات الموسيقية الهوائية تصنع عادة من القصب وصوتها مطرب شجي) إنتهى
الإعتراض الرابع :هذه حكاية فعل خاص بالنبي عليه الصلاة والسلام لا عموم لها
وهم يبرزون هذا الإعتراض على إعتبار أن الرواية خالفت اصلا من الأصول وهو هنا عندهم (تحريم المعازف) الغير ثابت أصلا كما اسلفنا والسؤال هنا ماذا عن ابن عمر وأنه ترك المزمار ولم يعلق لاهو ولا نافع ؟! 

إن ما ينطبق عليه حكاية الفعل حقا هو وضع النبي عليه الصلاة والسلام أصابعه في أذنه بدون الأمر بذلك
 فهو يشبه تماما إعراض النبي عليه الصلاة والسلام عن أكل الضب بدون النهي عنه  كما روي في الحديث عند مسلم ( فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده عن الضب ، فقال خالد بن الوليد : أحرام الضب يا رسول الله ؟ قال : ( لا ، ولكن لم يكن بأرض قومي ، فأجدني أعافه ).قال خالد : فاجتررته فأكلته ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلي) وقد ترك النبي عليه الصلاة والسلام سماع المزمار ربما تنزها عن ذلك وربما لحال كانت عنده من مناجاة لربه أو فكر في أمر , ولكنه لم يأمر إبن عمر بعدم السماع ولم ينه العازف ومثله إبن عمر مع نافع.
والله أعلى وأعلم
حديث الجاريتين يوم العيد
جاء في صحيح البخاري : (حدثنا يحيى بن بكر قال: حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة: ان ابا بكر رضي الله عنه دخل عليها وعندها جاريتان، في ايام منى، تدففان وتضربان، والنبي صلى الله عليه وسلم متغش بثوبه، فانتهزهما ابو بكر، فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن وجهه، فقال: دعهما يا ابا بكر، فانها ايام عيد، وتلك الايام ايام منى.  وقالت عائشة: رايت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني، وانا انظر الى الحبشة، وهم يلعبون في المسجد، فزجرهم عمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعهم، امنا بني ارفدة. يعني من الامن.)
والحديث متفق عليه.
وجاء في رواية اخرى عند البخاري أيضا قال أبو بكر (مزمارة الشيطان عند النبي).

وهذا حديث صحيح صريح في إباحة إستخدام الدف وهو من المعازف قطعا وبحضور صحابي مع النبي عليه الصلاة والسلام وهو أبو بكر الصديق والذي يظهرللنظر بدون تكلف أن الدف آلة منتشرة متوفرة لا حرج في حملها وصناعتها :
فكيف جاءت الجواري بالدفوف إلى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حرام؟
ومن صنع الدفوف وهي حرام في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
وهل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكسر الدفوف بعد العيد؟!
تخصيص الإباحة بالدف وقصر إستخدامه على العيد
ومرة اخرى تأول من قال بالتحريم الحديث بأن خصصوه فجعلوه دليل على الجواز في العيد فقط وبالدف فقط وللنساء فقطوذلك إعتمادا على أصل التحريم عندهم  - الغير موجود او ثابت أصلا- وإستدلوا بقوله عليه الصلاة والسلام (فإنها أيام عيد).
ونسأل هل من المفترض من نبي عظيم من أولى العزم من الرسل اوحوارييه وهم في ذروة الجهاد والدعوة أن يقضوا أوقاتهم في الغناء والموسيقى حتى مع إباحتها؟ بالطبع لا فالغالب أن هذا لن يحدث الا في مناسبة كبرى كعرس أو عيد ورغم ذلك ورد إستخدام الدف في غير عرس أو عيد كما سيأتي إن شاء الله.
أما زجر أبي بكر الصديق للجاريتين فقد كان من باب تعظيم مقام النبي وتنزيهه عن اللهو الذي لاينفع تماما كما زجر عمر الحبشة وهم يلعبون لنفس السبب ولذا فرد النبي عليه الصلاة والسلام بأنها (أيام عيد) أي يشرع فيها التوسعة والبهجةوليس كما يقولون أنها أيام عيد فيباح الدف يوم العيد إستثناء من أصل الحرمة!!
فالعيد لايحل حراما ولا يجيز ممنوعا وليس سماع الدف مسألة حياة أو موت او ضرورة من الضرورات لتستثني من أصل الحرمة وإلا لجاز القليل من الخمر الذي لايسكر أو لبس الحرير للرجال.
هل كلمة (مزمارة الشيطان) تدل على التحريم
ووجدناها وما يشبهها في المواقف التالية :
قول أبي بكر (مزمارة الشيطان) وإقرار النبي عليه الصلاة والسلام لها
قول النبي عليه الصلاة والسلام عن غناء القينة (نفخ الشيطان في منخريها) كما سيلي
قول النبي عليه الصلاة والسلام لما ألقت الجارية الدف (إن الشيطان ليخاف منك يا عمر). كما سيلي
ولكن لاحظ أن كل هذه المواقف كانت مصحوبة بإستماعه عليه الصلاة والسلام والصحابة للعزف والغناء بل وأمره عليه الصلاة والسلام للقينة ان تغني للسيدة عائشة مما ينفي تماما بل يجعل من المستحيل أن يكون النسبة للشيطان من باب التحريم فحاشاه عليه الصلاة والسلام أن يسمع حراما أو أن يسمح لأحد من الصحابة فضلا عن أن يأمر لزوجاته بإستماع الحرام.

فما هي دلالة لفظ (مزمارة الشيطان) ؟!

  دلالة لفظ (مزمارة الشيطان) ليست التحريم ولكن دلالة أخرى نفهمها من كون الغناء والموسيقى من 
وسائل إلهاء القلب عن الذكر والعبادة كما أن المال والتجارة قد يلهيان صاحبهما عن الذكر والعبادة وهذا مما يحبه الشيطان فهذه الأشياء وغيرها من وسائله للإلهاء والغفلة لذا يمنع الإفراط فيها, وقد ورد عن الأسواق من حديث البزار والطبراني قول النبي صلى الله عليه وسلم  (لاتكونن إن إستطعت أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها فإنها معركة الشيطان وبها ينصب رايته) وقوله صلى الله عليه وسلم  (..وأبغض البلاد إلى الله أسواقها) صحيح مسلم وكل هذا لا يفيد تحريم التجارة أو غشيان الأسواق ولكنه تأكيد أن للشيطان فيها حظ..وكما في حديث مسلم (التثاؤب من الشيطان) ..والتثاؤب غالبا لثقل البدن وإمتلائه وإسترخائه فيميل إلى الكسل, فأضافه إلى الشيطان لأنه يرضيه ومن تسببه لدعائه إلى الشهوات فكلمة (مزمارة الشيطان) تشبه كلمة (الباطل) من أثر أبي الدرداء (إني أستجم ببعض  الباطل  ليكون أنشط لي في الحق) ومن حديث النبي عليه الصلاة والسلام الذي صححه الألباني من صحيح إبن ماجة (كل مايلهو به المرء المسلم  الباطل  إلا رميه بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته امرأته) والباطل هنا ليس الكفر والشرك ولكن ما لانفع فيه كما قال إبن تيمية في الإستقامة ونقله الشوكاني عن الغزالي.

 لذا فزجر أبي بكر الصديق للجاريتين بقول (مزمار الشيطان) ليس للتحريم ولكن من باب تعظيم مقام النبي وتنزيهه عن اللهو الذي لاينفع.
ويبقى أن الذم والمديح على ما أتخذت له الآلة وليس لعينها ألا ترى أن كما أن المزمار قد ينسب للشيطان فقد ينسب لنبي (مزامير داوود) التي شبه النبي عليه الصلاة والسلام صوت الصحابي الجليل بها..فإن ألهت عن الواجبات كانت مزمار شيطان.
فغاية الأمر في الموسيقى هو ما أوجزه العلامة إبن العربي بقوله :
 «أن المباح قد يستدرج به الشيطان إلى المعصية وأقرب إلى الاستدراج إليها بالواجب فيكون اذا تجرد مباحا ويكون عند الدوام وما تعلق به الشيطان من المعاصي حراما فيكون حينئذ مزمار شيطان»
و
الموسيقى كغيرها من المباحات قد تحرم لاستخدامها ومقصدها وليس لعينها 


حديث سماع الصحابة للدف والغناء في العرس
روى الإمام الطبراني (المعجم الكبير :17/247) بإسناد صحيح عن عامر بن سعد البجلي قال :دخلت على أبي مسعود و قرظة بن كعب, وثابت بن يزيد ؛ و جواريضربن بدف لهن و يغنين, فقلت : أتقرون بذا وأنتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال: إنه رخص لنا في العرس والبكاء على الميت من غير نوح). 
قال الشيخ الجديع (وهذا إسناد صحيح جميع رجاله ثقات وليس له عله) 
وقال عبدالله رمضان موسى (الرواية ثابتة)
فهؤلاء الصحابة رضي الله عنهم خير البشرية بعد الأنبياء إجتمعوا يستمعون الغناء والمعازف وفيه رد بليغ على الذين يقولون في خطبهم النارية للتنفير من الغناء والموسيقى هل تتصور الصحابة وقد إجتمعوا على الغناء؟ فنقول نعم قد حدث فلستم أتقى من الصحابة رضوان الله عليهم وقطعا كان من الغناء والمعازف الحلال بدون إسفاف أو إنحلال, بل ونزيد أن أسد الإسلام وسيد الشهداء قد إجتمع مع الصحابة خصيصا على الغناء كما في صحيح البخاري عن على بن أبي طالب :
(...فإذا أنا بشارفي قد أجبت أسنمتهما ، وبقرت خواصرهما ، وأخذ من أكبادهما ، فلم أملك عيني حين رأيت المنظر ، قلت : من فعل هذا ؟ قالوا : فعله حمزة بن عبد المطلب ، وهو في البيت في شرب من الأنصار ، 
عنده قينة وأصحابه ، فقالت في غنائها : ألا يا حمز للشرف النواء ، فوثب حمزة إلى السيف ، فأجب أسنمتهما ، وبقر خواصرهما ..) وفي نهاية الحديث (...فعرف النبي صلى الله عليه وسلم أنه ثمل ، فنكص رسول الله صلى الله عليه وسلم على عقبيه القهقرى ، فخرج وخرجنا معه) .
وفي الحديث إجتماع الصحابة لسماع الغناء ومعرفة النبي عليه الصلاة والسلام بذلك, وقد يقولون أن هذا كان قبل تحريم الخمر وهذا واضح, وقد علمنا أن الخمر قد حرمت فمن قال بتحريم الغناء؟
في الحديث (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  : فصل مابين الحرام والحلال الدف والصوت). رواه الترمذي والنسائي وغيرهما.
الإعتراض الأول: المسموح من الآلات هو الدف فقط لأنه أقل الآلات إطرابا  
والواقع أن إستخدام الدف جاء لأنه أشهر الآلات الموسيقية عند العرب وأيسرها من ناحية التوفر وسهولة الإستخدام ولهذا كان أولى بالذكر والإستخدام من غيره من الآلات,فمن أين جئتم بالتخصيص؟!!
هل صرح النبي عليه الصلاة والسلام أن لا يضرب 
إلا بالدف أو إجتنبوا ما سوى الدف ؟!
 بل إن الدف عند الموسيقيين يقال عنه  هو ضابط الإيقاع وفيه من الطرب ما في غيره من الآلات مع العلم ان التعليل بالطرب كعلة للتحريم لا يصح أصلا
 فهو غير منضبط فحتى من يستمعون الأغاني يتباينون تباينا كبيرا فيما يطربهم ومنهم من يكره آلات بعينها أويحب آلات بعينها..فهي علة غير منضبطة بحال..كما أن تعليل التحريم بالطرب يستغرب جدا..فالإنسان يطرب لزقزقة العصافير ونداء الكروان وحفيف الشجر وخرير الماء..بل ويطرب بسماع الصوت الحسن في الإنشاد ..وما قصة حداء أنجشة منا ببعيد لقد طربت له العير وسمعه النبي عليه الصلاة والسلام وأمهات المؤمنين..فمن قال أن الطرب حرام..بل إن صوت الإنسان الحسن أكثر إطرابا وتأثيرا من صوت الآلات بل وفسر كثير من المفسرين قوله تعالى (يزيد في الخلق مايشاء) بالصوت الحسن..كما قد يطرب الإنسان من إلقاء بيت شعر أو سجع في النثر.
وفي لسان العرب باب (طرب) نجد تعريف الطرب بأنه : خفة تعتري عند شدة الفرح أو الحزن والهم
.قال الإمام الآمدي (إذا كانت الحكمة خفية مضطربة غير منضبطة , فيمتنع التعليل بها ....إذا كانت الحكمة خفية مضطربة مختلفة بإختلاف الصور والأشخاص والأزمان والأحوال فلا يمكن معرفة مناط الحكم منها والوقوف عليه إلا بعسر وحرج) إنتهى الإحكام (3/180)
فالطرب علة غير منضبطه فكيف تكون علة للتحريم؟ ,لاخلاف في منع إضاعة الواجبات والإفراط المؤدي الغفلة أوالدعوة للحرام...أما تعليل التحريم بالطرب المتفاوت الذي لا ينضبط فلا يسوغ.
فتخصيص الدف لادليل عليه اللهم إلا التمسك بأصل تحريم كل الآلات وقد سبق ان فندناه.


الإعتراض الثاني: الغرض الوحيد لإستخدام الدف هو الإشهار
ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإستخدام الدف والغناء في العرس(فصل ما بين الحلال والحرام الدف ، والصوت في النكاح) بغرض إشهار الزواج وإعلانه ولكن هذا ليس السبب الوحيد ففي الحديث الذي ورد في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار ، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : ( يا عائشة ، ما كان معكم لهو ؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو ) .
ولو كان حبهم للهو والغزل وإعجابهم به حراما أو مذموما لما أخذه النبي عليه الصلاة والسلام بعين الإعتبار بل ولذمه صراحة!
ولو كان التحريم قطعيا لسألته السيدة عائشة أوليس حراما يا رسول الله؟ 
ولو كان الهدف هو الإشهار فقط دون إظهار الفرح والإحتفال لقيل مثلا أضربوا به خمسا أو عشرا أو حتى يعلم الحي ولكن هذا لم يحدث بل لقد 
إجتمع الصحابة يستمعون الغناء كما صح في الحديث!!!
الإعتراض الثالث: كلمة (رخص لنا) لاتطلق إلا على ما كان محرما وأبيح إستثناء
وعلى هذا فالدف محرم في عموم الأحوال ولعموم الأشخاص ثم أجاز الشرع إستعماله حال النكاح فصار إستعماله في النكاح رخصة , وقد علق الشيخ القرضاوي على هذا الكلام فقال ص93 في كتاب فقه الغناء والموسيقى:
( توقف بعضهم عند كلمة (رخص لنا) في الحديث ليأخذ منها أن الأصل هو المنع, وأن الرخصة جاءت على خلاف الأصل وهي مخصوصة بالعرس فتقصر عليه ونسي هؤلاء أن مثل هذا التعبير يأتي فيما يراد به التيسير ولازمه في أمر كان يتوقع فيه التشديد والمنع فهو من باب قوله تعالى في الصفا والمروة (
فلا جناح عليه أن يطوف بهما) (البقرة 158) مع ان الطواف بهما فرض واجب او ركن وقوله (لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) (الممتحنة:48) لما كان يظن أن بر المخالف في الدين أمر مرغوب عنه) إنتهى
وإعترض عبدالله رمضان موسى على كلام الشيخ القرضاوي فقال ص
310:
(الآيتين الكريمتين اللتين ذكرهما الدكتور القرضاوي ليس فيهما لفظة ((الرخصة))... لقد كان الواجب على الدكتور أن يأتي بنص فيه لفظة  ((الرخصة)) ثم يثبت لنا أن معناها فيهذا النص غير ماقررناه ولكن يبدو أنه عجز عن العثور على مثل ذلك فلجا إلى التخليط في الجواب, وهذا لا يليق بمكانته ... هل ذلك من أجل إباحة ما حرمه الله تعالى لإرضاء عيون أوروبا وأمريكا؟!!) إنتهى

الجواب عن كلام عبدالله رمضان موسى
ووالله إني لأستحي وانا اسوق كلام عبدالله رمضان موسى الذي يخلو من التأدب مع شيخ كبير السن والمقام وعبدالله موسى لايبلغ معشار معشار فقه القرضاوي حتى وان زل أو أخطا والعجيب من البعض أن يجمع بين متناقضين التمسك بحرفية النصوص وظواهرها في حين يفتش في الصدور ويطعن في النوايا!!
وعلى أي حال  يقول الشيخ الجديع (الرخصة في التحقيق لاتقابل المحرم وإنما تقابل العزيمة) إنتهى
وهذا حديث واضح صريح صحيح يفيد بأن الرخصة تأتي بمعنى (التيسير والتخفيف) وهو ما ورد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: ( قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عبد الله ، ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل . فقلت : بلى يا رسول الله ، قال : فلا تفعل ، صم وأفطر ، وقم ونم ، فإن لجسدك عليك حقا ، وإن لعينك عليك حقا ، وإن لزوجك عليك حقا ، وإن لزورك عليك حقا ، وإن بحسبك أن تصوم كل شهر ثلاثة أيام ، فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها ، فإن ذلك صيام الدهر كله . فشددت فشدد علي . قلت : يا رسول الله ، إني أجد قوة ؟ . قال : فصم صيام نبي الله داود عليه السلام ولا تزد عليه . قلت : وما كان صيام نبي الله داود عليه السلام ؟ . قال : نصف الدهر . فكان عبد الله يقول بعدما كبر : يا ليتني قبلت رخصة النبي صلى الله عليه وسلم .) في صحيح البخاري
فالترخيص هنا بمعنى التخفيف وليس الإستثناء من الحرام أو الممنوع فصيام عبدالله بن عمرو رضي الله عنه كان تطوعا أصلا لم يستأذن فيه النبي عليه الصلاة والسلام ولولم يصم من البداية  ما كان عليه شيء , والنبي عليه الصلاة والسلام دله على الأفضل والأيسر ولم يأذن له في فعل شيء حرام ولله در الشيخ القرضاوي على علمه وفقهه.
فمعنى رخص لنا هنا أن الأصل في حال المؤمن وخصوصا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هو الجد والبعد عن مالا نفع فيه من اللهو حيث يكره الإكثار من ذلك فالكلام هنا ليس عن المعازف تحديدا ولكن عن اللهو وترك الجد كما قد يكون المقصود شيء آخر نفهمه من الشطر الأخير للحديث (رخص لنا في العرس 
والبكاء على الميت من غير نوح)  فما علاقة البكاء على الميت بالرخصة هنا؟!
إن مفهوم كلام الصحابي عن تحريم الكبر والإفتخار عند حصول النعمة و تحريم اليأس والقنوط والدعاء بدعوى الجاهلية في النياحة على الميت كما فصلنا في حديث (الصوتين الأحمقين) وهذا المعنى نجده في قوله تعالى:
 (لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور)
تفسير الطبري:(والله لا يحب كل متكبر بما أوتي من الدنيا ، فخور به على الناس) إنتهى         
تفسير القرطبي: (والحزن والفرح المنهي عنهما هما اللذان يتعدى فيهما إلى ما لا يجوز) إنتهى
فيكون معنى (رخص لنا في الغناء في العرس والبكاء على الميت من غير نوح) مستثنى من المعنى السابق (شدة الفرح وشدة الحزن) وليس كما أولوه بأن المعازف حرام ..ومثال ذلك قارون الذي خرج على قومه في كامل زينته وبفخر وخيلاء وكبر بماعنده ونسي الله..فكان العقاب الفوري الذي حطم الكبرياء والغرور (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ).
اخيرا يجب أن نذكر حديثا هاما جدا للذين يتمسكون بلفظة الرخصة للتحريم:
رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر . فتنزه عنه ناس من الناس . فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فغضب . حتى بان الغضب في وجهه . ثم قال " ما بال أقوام يرغبون عما رخص لي فيه . فوالله لأنا أعلمهم بالله وأشدهم له خشية " .  صحيح مسلم
والله أعلى وأعلم
حديث الربيع بنت معوذ
رواه ابن ماجة صحيحا عن أبي الحسين خالد بن ذكوان قال: (كنا بالمدينة يوم عاشوراء والجواري يضربن بالدف ويتغنين, فدخلنا على الربيع بنت معوذ فذكرنا ذلك لها , فقالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحة عرسي وعندي جاريتان تتغنيان وتندبان آبائي الذين قتلوا يوم بدروتقولا فيما تقولان : وفينا نبي يعلم ما في غد ، فقال أما هذا فلا تقولوه , ما يعلم ما في غد إلا الله)
والذي يفهم من الحديث أن الربيع تقصد أنه كما أبيح الدف في العرس فهو يباح في غيرالعرس كما في الحديث يوم عاشوراء ولكن عقب بعضهم أن هذه الرواية (يحتمل) أنها كانت في عرس أيضا!!!!!!
 ولن نطيل الجدال هنا لننتقل إلى أدلة آخرى عن الضرب بالمعازف في غير العرس
حديث الجارية السوداء
عن بريدة الأسلمي (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه فلما إنصرف جاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله , إني كنت نذرت إن ردك الله سالما أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى , فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم :إن كنت نذرت فأضربي وإلا فلا, فجعلت تضرب فدخل أبو بكر وهي تضرب , ثم دخل علي وهي تضرب, ثم دخل عثمان وهي تضرب, ثم دخل عمر فألقت الدف تحت إستها ثم قعدت عليه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان ليخاف منك يا عمر...الحديث) رواه الترمذي وقال عنه حديث حسن صحيح. وصححه الألباني والجديع
وهذا حديث صحيح في استماعه صلى الله عليه وسلم للغناء مع الدف  في غير العرس وكعادتهم ذهب من تمسك بأصل التحريم -الغير موجود- للتخصيص وقالوا هذا الحديث دليل على خصوصية ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم  بدليل قولها (بين يديك) وفي روايات (على رأسك)  فتكون كخصوصياته كالزواج بأكثر من أربع نساء وقالوا أنه حرام وإبيح لها في هذا الموطن لإغاظة اليهود والمنافقين للضرورة كمن أوشك أن يموت في الصحراء فجاز له شرب الخمر بدليل قوله عليه الصلاة والسلام (وإلا فلا) والنهي يفيد التحريم؟
وهذه الإعتراضات تكلفها يغني عن الرد عليها فمصدرها إعتبارهم أن الأصل التحريم -الغير موجود-ولو سلمنا بأصل الإباحة لما إحتجنا لسرد كل هذه الإحتمالات والتأويلات ولكن على أي حال يجب أن يؤخذ الآتي في الإعتبار
-         لو كان حراما كيف تتجرأ الجارية وتطلب من رسول الله فعل الحرام أمامه وحاشاه عليه الصلاة والسلام؟ لماذا لم يكسرالصحابة الدف بمجرد رؤيته في يدها أو بعد إيفاء نذرها؟

-         ولوكان حراما لماذا لم يسأل أي أحد أوليس حراما يارسول الله بعد السماح للجارية بالضرب به؟
-         لو كان هذا خاصا برسول الله صلى الله عليه وسلم فلماذا سمح للصحابة جميعا دون تمييز بإستماعه؟؟
-          وفي الحديث الصحيح : (من نذر أن يطيع الله فليطعه و من نذر أن يعصيه فلا يعصه) فكيف قبل منها رسول الله نذرها لو كانت المعازف محرمة؟
لوكان الضرب بالدف من باب إغاظة الكافرين لحض عليه رسول الله أو وافق عليه مباشرة ولكنه عليه الصلاة والسلام لم يحبذه وقال (وإلا فلا) فلم تكن لتضرب وتتغنى لولا أنها نذرت فالعلة  الواضحة تماما هنا هي النذر وهنا نعود ونقرر أنه لا نذر في محرم مما يدل على الإباحة.
مما سبق يتضح إنتفاء الخصوصية وإنتفاء دلالة التحريم من لفظة (وإلا فلا) بدليل سماحه عليه الصلاة والسلام لها إقراره نذرها وتكون من باب كراهته عليه الصلاة والسلام الغناء في ذلك الوقت إما لإنشغاله بأمر عند عودته من الغزوة كتوزيع الغنائم أو مشاورة أصحابه أو حضور الوحي أو الملائكة وما إلى ذلك.
وواقعة العين هي الحادثة الظنية التي تعارض أصلاً أو قاعدة كلية في الشريعة وتكون محتملة لأكثر من تأويل، وقضايا الأحوال إذا تطرق إليها الاحتمال سقط بها الاستدلال.

حديث مزامير داوود
(يا أبا موسى ، لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود) صحيح البخاري
لقد شبة النبي عليه الصلاة والسلام صوت أبي موسى الأشعري بصوت المزمار لحلاوته والنبي عليه الصلاة والسلام لا يشبه بمذموم كما هو معروف (ليس لنا مثل السوء), فكيف يشبه صوت أبي موسى الأشعري في قراءة القرآن بصوت المزمار إلا لوكان مباحا.
(وقال أبو عثمان النهدي وهو من كبار التابعين وصالحيهم: كان ابو موسى يصلي بنا فلو قلت أني لم أسمع صوت صنج قط ولاصوت بربط قط لا شيئا أحسن من صوته  (أثر صحيح.. أخرجه أبوعبيد في “فضائل القرآن“ بسند صحيح ص 163).
ولقد كانوا يحبون لو قرأ أبو موسى بهم سورة البقرة ولكن الشاهد هل يشبه هذا التابعي الكبير صوت أبي موسى بالمعازف وهي حرام, كيف يشبهه بالصنج (آلة نحاسية) وهو حرام؟! كيف يشبهه بالبربط (العود) وهو حرام ؟!

بل هل يمكن لمسلم القول مثلا ما شربت خمرا ولا مسكرا ألذ من عصيرأمي ؟!!


إن هذا التابعي الكبير الذي لاقى الصحابة لايرى حرجا في تشبيه صوت ابي موسى بالطنبور (العود)  والصنج (آلة بأوتار وقيل هي آلة نحاسية تضرب بعضها ببعض) .
حديث القينة
(أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا عائشة تعرفين هذه قالت لا يا نبي الله قال هذه قينة بني فلان تحبين أن تغنيك قالت نعم فأعطتها طبقا فغنتها فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد نفخ الشيطان في منخريها) وهو حديث صحيح.
وهذا الحديث فيه دلالة واضحة على إباحة الغناء في غير العرس فقوله عليه الصلاة والسلام هذه قينة بني فلان أي أنه عليه الصلاة والسلام يعرف أشتهار هذه المرأة بالغناء وظاهر الحديث أنه أخذت الطبق لتضرب وتعزف به عند غنائها.
ورد المانعون بالإعتراض المتكرر (يحتمل) أنه كان في عرس, وطبعا لاتوجد دلالة واحده تقول ذلك غير التكلف لإثبات التحريم !
قالوا أن هذه الرواية صحيحة ولكن ربما كان طبق فاكهة! وعلى أي حال فلو أعطاها طبقا للفاكهة أو طبقا لتضرب وتغني به أو لم يعطها شيء أصلا فهو أمر لا يستحق الجدال فلقد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام سمع الدف في غير موضع وسمع المزمار ولم ينه عنه ويكفي إقراره عليه الصلاة والسلام بأنها قينة بني فلان وأمره لها بالغناء لزوجته.
أخيرا فالآثار كثيرة ولكن مهما أوردنا من آثار وأخبار عن إستخدام المعازف فستجد إعتراضات ممن قال بالتحريم فيتحدثون عن التخصيص واللإستثناء وقضايا الاعيان...إلخ وكل هذا إستنادا إلى أصل التحريم الذي لادليل عليه, بل ووجدنا النبي يشبه صوت أصحابه بالمزمار ويندب لإستخدام الدف في الزواج ويجعله من السنة وغير ذلك من الأدلة,ورغم ذلك فلو قلنا أن كل أحاديث إستخدام المعازف هي والعدم سواء فستظل الموسيقى على أصل الإباحة قال تعالى: 

(وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) (سورة الأنعام/ 119).

ولا أدري كيف يتغافل من يحرم المعازف عن هذه الآية فما هو تفصيل حكم المعازف وأين نجده؟! أنرجع كل شيء للهوى؟! أم العقل؟! أم ما درجنا عليه في بيئات متشددة ردا على الإنحلال والفجور؟! أنتقول على الله؟! أم نقلد الرجال ولو خالف كلامهم الدليل؟! 

ورضي الله عن أبا الحسن علي بن أبي طالب إذ يقول (لو كان الدين بالرأي لكان  أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه)


فلا تحريم إلا بنص صحيح صريح من كتاب الله تعالى، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو إجماع ثابت متيقن، فإذا لم يرد نص ولا إجماع. أو ورد نص صريح غير صحيح، أو صحيح غير صريح، بتحريم شئ من الأشياء، لم يؤثر ذلك في حله، وبقى في دائرة العفو الواسعة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينْسى شيئاً"، وتلا: (وما كان ربك نسياً) (سورة مريم/ 64) رواه الحاكم عن أبي الدرداء وصححه، وأخرجه البزار.
فكيف بمن يتعلقون بالظنون والتقليد لإثبات التحريم وتضييق دائرة العفو على المسلمين بلادليل او اثر صحيح بل ويطعنون في دين ونية من يخالفهم فأين هذا من دين الله؟!

ومع التأكيد اني لا اتخيل أن يقرأ مسلم كلامي ليتخذ الموسيقى مع العاريات الفاجرات أو لهجركتاب الله وترك ذكرربه أوتضييع الواجبات أو يجعل الموسيقى والأغاني غذاءا يوميا لايتحرك إلا وهو في أذنه فيكون سفيها ساقط العدالة  فالطعام والشراب المباح (يحرم) الإسراف فيه فما ظنك بالموسيقى ..وعليه فإني ابرأ الى الله من هذا ولكن تظل الموسيقى وسيلة لتجديد النشاط والترويح أحيانا ووسيلة لتمييز البرامج التلفزيونية وتعليم الأطفال الأناشيد النافعة والتعليمية مما لايقبل بسهولة أو يستساغ بدون موسيقى وتستخدم كذلك في مسلسلاتهم الكرتونية وفي أناشيد الوطنية والفداء والبرامج التوعوية والإجتماعية التي تخدم الدول ...إلخ.
وغاية الأمر في الموسيقى هو ما أوجزه العلامة إبن العربي بقوله :
 «أن المباح قد يستدرج به الشيطان إلى المعصية وأقرب إلى الاستدراج إليها بالواجب فيكون اذا تجرد مباحا ويكون عند الدوام وما تعلق به الشيطان من المعاصي حراما فيكون حينئذ مزمار شيطان»
ف
الموسيقى كغيرها من المباحات قد تحرم لاستخدامها ومقصدها وليس لعينها ولايقول عالم ولامسلم بإباحة العري والخلاعة أو كلمات الفسق والفجور أو الإفراط و تضييع الأوقات والواجبات وهجر القرآنوالذكر فهذا كله مما يوجب سخط الله وعقابه ونحذر منه, ولكن  في نفس الوقت تظل الموسيقى وسيله لتجديد النشاط والترويح أحيانا ووسيلة لتمييز البرامج التلفزيونية وتعليم الأطفال الأناشيد النافعة مما قد لايقبل بسهولة أو يستساغ بدون موسيقى وفي خلفيات البرامج الوثائقية لتزيدها تأثيرا وإمتاعا, إلى غير ذلك من الإستخدامات المباحة في عصرنا وبيننا أنه حتى من يقول بتحريم الموسيقى إستحدث موسيقاه الخاصة فأدخلوا همهمات وتأوهات بشرية إلى الكمبيوتر لتصدر أصواتا تشبه الموسيقى بل فعليا وعلى التحقيق هي موسيقى وإن قيل غير ذلك فتكلفها أو ردائتها لايعني أنها ليست نوعا من الموسيقى!!, فالموسيقى قد تصدر عن برامج الكمبيوتر وقد تصدر عن طرق المعلقة على اكواب زجاجية بها ماء وقد تصدر عن طرق أخشاب الأثاث وقد تصدر عن العود وأوتاره فليس المهم مصدرها ولكن المهم كيفية استخدامها ومقصدها.



أخيرا فليس هدف البحث اللوم على من قال بالتحريم  إجتهادا وإن جانب الصواب أو من قلد عالما قال بذلك 
لكن فليتق الله في إخوانه المسلمين وليقبل خلافهم ويتجاوز عنهم فهم في دائرة الصواب إبتداء فالأصل في الأشياء الإباحة والدين لايؤخذ بالظن, كما يجب إحسان الظن بالمسلمين فلا يوجد مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر يقول بإباحة العري والخلاعة أو كلمات الفسق أو تضييع الواجبات والغفلة عن ذكر الله وهجر كتابه فهذا لاخلاف على تحريمه, ولكن من قال بالإباحة يتحدث عن توفير البديل الهادف الذي تصرف فيه الطاقات بما لايغضب الله بما يتوافق مع منهج الإسلام الذي لايقتل الغرائز ولكن يهذبها وينظمها.


وهذا ما تيسر فماكان خطأ فمنى ومن الشيطان وماكان صوابا فبتوفيق الله.

والله أعلم
والحمدلله رب العالمين

Comments

  1. جهد تشكر عليه وأضيف بعض الأبحاث والدراسات التي تثبت فوائد الموسيقى وأنها ليست فقط لهو

    الفوائد العقلية والتعليمية:

    1- تحصيل أفضل في الرياضيات واللغات: دراسة دكتور كريستوفر جونسون - 2007 – مجلة الأبحاث في التعليم الموسيقي:

    - في المدارس الابتدائية الطلاب الذين يتعلمون الموسيقى حصلوا على درجات 22% أعلى في اللغة ، و20% أعلى في الرياضيات من الطلاب الذين لايتعلمون الموسيقى

    - في المدارس المتوسطة الطلاب الذين يتعلمون الموسيقى حصلوا على درجات 19% أعلى في اللغة ، و17% أعلى في الرياضيات من الطلاب الذين لايتعلمون الموسيقى

    2- ذاكرة أفضل: دراسة دكتور لوريل ترينر أستاذ علم النفس والعلوم العصبية في جامعة مكماستر – 2006: الأطفال الذين يتلقون تعليماً موسيقياً يحرزون نتائج أفضل في اختبارات الذاكرة المتعلقة بالذكاء العام مثل القراءة والذاكرة اللفظية والرياضيات

    3- تحصيل علمي أفضل: دراسة في المعهد الوطني للتعليم - 1988 : الأطفال الذين يتعلمون الموسيقى يكون تحصيلهم العلمي أفضل ممن لايتعلمون الموسيقى

    4- درجات امتحانية أعلى: دراسة قام بها الدكتور James Catterall من جامعة كليفورنيا – لوس أنجلس (بعد مراجعة ملفات 25 ألف طالب): الطلاب الذين يتعلمون الموسيقى والفنون كانت درجاتهم أعلى من غيرهم في الامتحانات ، نسبة حضورهم أعلى ، وكانوا أكثر مشاركة في الأنشطة الاجتماعية

    5- تحسين أداء الرياضيات: مجلة الأبحاث العصبية (15 أذار – 1999) : طلاب في الصف الثاني تم اعطاؤهم دروساً في البيانو لمدة 8 أشهر وتم اجراء اختبار في الرياضيات (Stanford 9 Math Test) قبل البدء بالدروس وبعد – النتيجة تحسن أداء الطلاب في الاختبار من وسطي 30 الى 65 – المدهش في الدراسة أن الطلاب لم يعطوا أي دروس في الرياضيات – عملية تعلم الموسيقى هي التي حسنت أداءهم في الرياضيات

    6- أكبر عدد من طلاب الطب: دراسة قام بها الدكتور لويس توماس (عميد كلية الطب جامعة يال - وكلية الطب جامعة نيويورك) على الطلاب المتقدمين لدراسة الطب وجد أن الطلاب الذين لديهم تعليم موسيقي حازوا على أعلى نسبة من القبول في كلية الطب 66% (كانت نسبتهم أعلى من نسبة قبول الطلاب الحاصلين على تعليم كيمياء حيوية 44%)


    فوائد طبية:

    1- تقليل نوبات الربو: دراسات كثيرة أثبتت أن تعلم الة نفخية (مثل الاوبوا أو الكلارينيت) تحسن بشكل كبير من الحالة الصحية لمرضى الربو وتقلل من عدد النوبات التي يتعرضون لها

    2- تخفيض الضغط والحرارة: الموسيقى الهادئة لها تأثير في تخفيض حرارة الجسم وتخفيض الضغط

    Don Campbell, The Mozart Effect (New York: Avon Books, 1997), 70-71

    3- الوقاية من الأمراض: دراسة في جامعة ميشيغان خلصت الى أن الاستماع للموسيقى المفضلة يزيد مناعة الجسم ويقلل من الأمراض Journal of Music Therapy 30 (1993): 194-209

    4- التهدئة وتسكين الألم: الأطباء في وحدة العناية الفائقة في مستشفى سانت أغنس في بالتيمور لاحظوا أن الاستماع للموسيقى الكلاسيكية لمدة نصف ساعة يعادل في تأثيره تناول 10 مغ من الفاليوم

    Sheila Ostrander & Lynn Schroeder with Nancy Ostrander, Superlearning 2000 (New York: Delacorte Press, 1994), 76.

    بالاضافة لذلك هناك أدلة ودراسات تدل على أن الموسيقى تخفف الصداع النصفي (الشقيقة) ، تسرع من عملية الشفاء ، تساعد مرضى الزهايمر والفالج ، تقلل من الاكتئاب والشعور بالوحدة .

    ReplyDelete
  2. وماذا تقول عن حديث "يأتي على امتي زمان يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف". ماهي دلالة يستحلون اذا كانت حلال اصلا فما معنى كلمة يستحلون اليست تعني الاستحلال بعد التحريم

    ReplyDelete
    Replies
    1. الحديث ضعيف وعلته عطية بن قيس الكلابى فهذا الراوى لم يات فيه توثيق معتبر وسبق وبينا ضعف الخديث فى موضوع مستقل فى المدونة هنا
      http://eslamesla.blogspot.com/2012/11/blog-post_3440.html

      Delete
    2. لا حول و لا قوة إلا بالله ، ما هذا التخلف ، الموسيقى ليست محرمة بتاتا ، و هناك حديث واحد يدكر المعازف لكنه ضعيف جدا ، فعندما أراد الله تحريم الخمر دكره مباشرة و نفس الشيء ب النسبة لمجموعة من المحرمات ، و انزل الله على نبيه محمد عليه الصلاة و السلام قرآنا معضما يشمل 114 صورة ، فهل حال على الله تعالى دكر آية يحرو فيها مباشرة الموسيقى (و ليس الغناء ) أما ب النسبة للغناء فيصلح حسب كلماته ، و السلام عليكم و رحمة الله .

      Delete
    3. هذا البحث مقنع جداً على إباحة المعازف بينما الفتاوى التي تدل على التحريم فيها الكثير من التدليس والحجج الواهية

      Delete
    4. هذا الحديث إستشهد به البخاري على من إستحل شرب الخمر و سماه بغير إسمه و هذا بإتفاق كل رواة الحديث إلا عطية بن قيس فهو ليس معصوما لاكنه أخطأ في تقديم لفظ المعازف، الدف هل هو ليس آلة من آلات طرب و النبي لا يأذن في الحراام أبدا و هو سيد الناس و الملائكة و جعل الدف سنة.

      Delete

Post a Comment